فصل: بصيرة في: {يس والقرآن الحكيم}.

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم




.سورة يس:

.فصول مهمة تتعلق بالسورة الكريمة:

.فصل في فضل السورة الكريمة:

قال مجد الدين الفيروزابادي:
فضل السّورة:
روى عن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم أَنَّه قال: «من قرأَ يس في ليله أَصبح مغفورًا له». وروى أَيضًا: «من دخل المقابر فقرأَ يس خُفّف عنهم يومئذ، وكان به بعدد من فيها حسنات، وفتحت له أَبواب الجنَّة».
وفي لفظ: «مَن قرأَ يس يريد بها الله غفر الله له، وأُعطي من الأَجر كأَنَّما قرأَ القرآن اثنتي عشرة مرّة، وأَيُّمَا مريض قرئ عنده سورةُ يس نزل عليه بعدد كلّ حرف عشرةُ أَملاكِ يقومون بين يديه صفوفًا، فيُصلُّون ويستغفرون له، ويشهدون قبضهُ وغُسله، ويشيّعون جنازته، ويصلُّون عليه ويشهدون دفنه، وأَيُّما مريضٍ قرأَ سورة يس وهو في سكرات الموت لم يقبض مَلَك الموت روحه حتى يجيئه رِضوانُ خازم الجنان بشَرْبة من الجَنَّة فيشربُها وهو على فراشه، فيموت وهو رَيَّان، ولا يحتاج إِلى حوض من حياض الأَنبياءِ، حتى يدخل الجنَّة، وهو رَيَّان».
وفي حديث علي: «يا علي من قرأَ يس فتحت له أَبواب الجنَّة، فيدخل من أَيِّها شاءَ بغير حساب، وكُتب له بكلّ آية قرأَها عشرة آلاف حسنة». اهـ.

.فصل في مقصود السورة الكريمة:

.قال البقاعي:

سورة يس وتسمى القلب والدافعة والقاضية والمعمة.
مقصودها إثبات الرسالة التي هي روح الوجود وقلب جميع الحقائق وبها قوامه وصلاحها للملارسل بها الذي هو خالصة المرسلين الذين هم قلب الموجودات كلها ذوات ومعاني إلى أهل مكة أم القرى وقلب الأرض وهم قريش قلب العرب الذين هم فلب الناس، بصلاحهم صلاحهم كلهم وبفسادهم فسادهم، فلذلك كان من حولهم جميع أهل الأرض، وجل فائدة الرسالة إثبات اللوحدانية التي هي قلب الإعتقاد وخالصه وعموده للعزيز الرحيم ذي الجلال والإكرام، وإنذار يوم الحجمع الذي به- مع ستره عن العيان الذي هو من خواص القلب- صلاح الخلق، فهو قلب الأكوان، وبه الصلاح أو الفساد للإنسان، وعلى ذلك تنطبق معاني أسمائها: يس والقلب والدافعة والقاضية والمعمة، وأما يس فسيأتي بيانه من جهة إشارته إلى سر كونها قلبا المشير إلى البعث الذي هو من أجل مقاصدها الذي به يكون صلاح القلب الذي به يكون قبول ما ذكر، وأما الباقي فإن من اعتقد الرسالة كفته ودفعت عنه جميع مهمه، وقضت له بكل خير، وأعطته كل مراد، وكل منها له أتم نظر إلى القلب كما لا يخفى، والمعمة: الشاملة بالخير والبركة، قال في القاموس: يقال: عمهم بالعطية وهو معم خير من خيره، فقد لاج أن هذه السورة الشريعة لما كانت قلبا كان كل شيء فيها له نظر عميق إلى القلبية. اهـ.

.قال مجد الدين الفيروزابادي:

.بصيرة في: {يس والقرآن الحكيم}.

السّورة مكِّيّة بالإِجماع.
عدد آياتها ثمانون وثلاث آيات عند الكوفيّين واثنتان عند الباقين.
وكلماتها سبعمائة وتسع وعشرون.
وحروفها ثلاثة آلاف.
المختلف فيها آية واحدة.
يس.
مجموع فواصل آياتها من وللسّورة اسمان: سورة يس؛ لافتتاحها، وسورة حبِيب النجار؛ لاشتمالها على قصّته.

.معظم مقصود السّورة:

تأكيدأَمْر القرآن، والرسالة، وإِلزام الحجّة على أَهل الضَّلالة، وضرب المَثَل في أَهل أَنطاكِية، وذكر حَبِيب النّجار، وبيان البراهين المختلفة في إِيحاءِ الأَرض الميتة، وإِبداءِ اللَّيل، والنهار، وسير الكواكب، ودَوْر الأَفلاكِ، وَجَرى الجوارى المنشآت في البحار، وذلَّة الكفار عند الموت، وحَيْرتهم ساعة البَعْث، وسعد المؤمنين المطيعين، وشُغُلهم في الجنَّة، وميْز المؤمن من الكافر في القيامة، وشهادة الجوارح على أَهل المعاصى بمعاصيهم، والمِنَّة على الرّسول صَلَّى الله عليه وسلَّم بصيانته من الشِّعْر ونظمِه، وإِقامة البرهان على البعث، ونفاذ أَمر الحق في كن فيكون، وكمال مُلْك ذى الجلال على كلّ حال في قوله: {فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ}.
السّورة خالية من النَّاسخ والمنسوخ. اهـ.

.فصل في متشابهات السورة الكريمة:

.قال ابن جماعة:

سورة يس:
353- مسألة:
قوله تعالى: {مَا أُنْذِرَ آبَاؤُهُمْ}؟ إن جعلت {ما} نافية، فقد تقدم الجواب في فاطر. وإن جعلتها مصدرية أو موصولة، فالمراد كإنذار آبائهم، فإن إنذار إسماعيل لم يزل فيهم إلى زمن عمرو بن لحى.
مسألة:
قوله تعالى: {وَجَاءَ مِنْ أَقْصَا الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى} وفي القصص: {وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَا الْمَدِينَةِ يَسْعَى} تقدم في القصص جوابه.
ونزيد هاهنا أن الرجل جاء ناصحا لهم في مخالفة دينهم فمجيئه من البعد أنسب لدفع التهمة والتواطى عنه، فقدم ذكر البعد لذلك. وفي القصص: لم يكن نصحه لترك أمر يشق تركه كالدين بل لمجرد نصيحة، فجاء على الأصل في تقديم الفاعل على المفعول الفضلة.
مسألة:
قوله تعالى: {وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لَعَلَّهُمْ يُنْصَرُونَ} وفي مريم {لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا (81) كَلَّا} وقال تعالى في الفرقان: {وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ} مضمرا.
جوابه:
أن آية مريم ويس وردتا بعد ضمير المتكلم فناسب الإظهار. وأية الفرقان: وردت بعد تكرار ضمير الغائب، فناسب الإضمار للغائب لتناسب الضمائر، والله أعلم. اهـ.

.قال مجد الدين الفيروزابادي:

المتشابهات:
قوله: {وَجَاءَ مِنْ أَقْصَا الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى} سبق.
قوله: {إِن كَانَتْ إِلاَّ صَيْحَةً وَاحِدَةً} مرتين ليس بتكرار؛ لأَنَّ الأُولى هي النفخة التي يموت بها الخَلْق، والثانية التي يحيا بها الخَلْق.
قوله: {وَاتَّخَذُواْ مِن دُونِ اللَّهِ آلِهَةً} وكذلك في مريم.
ولم يقل: {مِنْ دُوْنِهِ} كما في الفرقان، بل صرّح كيلا يؤدّى إِلى مخالفة الضمير قبله؛ فإِنه في السورتين بلفظ الجمع تعْظيما.
وقد سبق في الفرقان.
قوله: {فَلاَ يَحْزُنكَ قَوْلُهُمْ إِنَّا نَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ} وفي ويونس {وَلاَ يَحْزُنكَ قَوْلُهُمْ إِنَّ الْعِزَّةَ للَّهِ جَمِيعًا} تشابَهَا في الوقف على قولُهم في السّورتين، لأَنَّ الوقف عليه لازم، وإِنَّ فيهما مكسور بالابتداءِ بالحكاية، ومحكىُّ القول محذوف ولا يجوز الوصل؛ لأَنَّ النبىّ صلَّى الله عليه وسلَّم منزَّه من أَن يخاطَب بذلك.
قوله: {وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ} وفي الصّافَّات: {وَصَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ} ذكر في المتشابه، وما يتعلَّق بالإِعراب لا يُعَدُّ من المتشابه. اهـ.

.قال الكَرْماني:

سورة يس:
421- قوله تبارك وتعالى {وجاء من أقصى المدينة رجل يسعى} 20 قد سبق.
422- قوله {إن كانت إلا صيحة واحدة} 29 53 مرتين ليس بتكرار لأن الأولى هي النفخة التي يموت بها الخلق والثانية هي التي يحيا بها الخلق.
423- قوله {فلا يحزنك قولهم إنا نعلم} 76 وفي يونس {ولا يحزنك قولهم إن العزة لله جميعا} 65 تشابها في الوقف على قولهم في السورتين لأن الوقف عليه لازم وإن فيهما مكسورة بالابتداء بالكتابة ومحكى القول محذوف ولا يجوز الوصل لأن النبي صلى الله عليه وسمل منزه من أن يخاطب بذلك.
424- قوله {وصدق المرسلون} 52 وفي الصافات {وصدق المرسلين} 37 ذكر في المتشابه وما يتعلق بالإعراب لا يعد في المتشابه. اهـ.

.فصل في التعريف بالسورة الكريمة:

.قال الألوسي:

سورة يس:
صح من حديث الإمام أحمد وأبي داود والنسائي وإبن ماجه والطبراني وغيرهم عن معقل بن يسار أن رسول الله قال «يس قلب القرآن» وعد ذلك أحد أسمائها وبين حجة الإسلام الغزالي عليه الرحمة وجه إطلاق ذلك عليها بأن المدار على الإيمان وصحته بالإعتراف بالحشر والنشر وهو مقرر فيها على أبلغ وجه وأحسنه ولذا شبهت بالقلب الذي به صحة البدن وقوامه وأستحسنه الإمام الرازي وأورد على ظاهره أن كل ما يجب الإيمان به لا يصح الإيمان بدونه فلا وجه لإختصاص الحشر والنشر بذلك وأجيب بأن المراد بالصحة في كلام الحجة ما يقابل السقم والمرض ولا شك أن من صح إيمانه بالحشر يخاف من النار ويرغب في الجنة دار الأبرار فيرتدع عن المعاصي التي هي كأسقام الإيمان إذ بها يختل ويضعف ويشتغل بالطاعات التي هي كحفظ الصحة ومن لم يقو إيمانه به كان خحاله على العكس فشابه الإعتراف به بالقلب الذي بصلاحه يصلح البدن وبفساده يفسد وجوز أن يقال وجه الشبه بالقلب أن به صلاح البدن وفساده وهو غير مشاهد في الحس وهو محل لإنكشاف الحقائق والأمور الخفية وكذا الحشر من المغيبات وفيه يكون إنكشاف الأمور والوقوف على حقائق المقدور وبملاحظته وإصلاح أسبابه تكون السعادة الأبدية وبالإعراض عنه وإفساد أسبابه يبتلي بالشقاوة السرمدية وفي الكشف لعل الإشارة النبوة في تسمية هذه السورة قلبا وقلب كل شيء عليه وأصله الذي ما سواه إما من مقدماته وإما من متمماته إلى ما أسلفناه في تسمية الفاتحة بأم القرآن من أن مقصود من إرسال الرسل وإنزال الكتب إرشاد العباد إلى غايتهم الكمالية في المعاد وذلك بالتحقق والتخلق المذكورين هنالك وهو المعبر عنه بسلوك الصراط المستقيم ومدار هذه السورة الكريمة على بيان ذلك أتم بيان ويعلم منه وجه اختصاص الحشر بما ذكر في كلام الحجة فلا وجه لقول البعض في الإعتراض عليه فلا وجه إلخ وسيأتي إن شاء الله تعالى آخر الكلام في تفسير السورة الإشارة إلى ما أشتملت عليه من أمهات علم الأصول والمسائل المعتبرة بين الفحول وتقريرها إياها بأبلغ وجه وأتمه ولعل هذا هو السر في الأمر الوارد في صحيح الأخبار بقراءتها على الموتى أي المحتضرين وتسمى أيضا العظيمة عند الله تعالى.
أخرج أبو نصر السجزي في الإبانة وحسنه عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: قال رسول الله «إن في القرآن لسورة تدعى العظيمة عند الله تعالى ويدعى صاحبها الشريف عند الله تعالى يشفع صاحبها يوم القيامة في أكثر من ربيعة ومضر وهي سورة يس» وذكر أنها تسمى أيضا المعمة والمدافعة القاضية.
أخرج سعيد بن منصور والبيهقي عن حسان بن عطية أن رسول الله قال «سورة يس تدعى في التوراة المعمة تعم صاحبها بخير الدنيا والآخرة وتكابد عنه بلوى الدنيا والآخرة وتدفع عنه أهاويل الدنيا والآخرة وتدعى المدافعة القاضية تدفع عن صاحبها كل سوء وتقضي له كل حاجة» الخبر وتعقبه البيهقي فقال: تفرد به محمد بن عبدالرحمن بن أبي بكر الجدعاني عن سليمان بن دفاع وهو منكر وهي على ما أخرج ابن الضريس والنحاس وإبن مردويه والبيهقي عن ابن عباس مكية وأستثنى منها بعضهم قوله تعالى: {إنا نحن نحيي الموتى} الآية مدعيا أنها نزلت بالمدينة لما أراد بنو سمة النقلة إلى قرب مسجد النبي وكانوا في ناحية المدينة فقال عليه الصلاة والسلام «إن آثاركم تكتب» فلم ينتقلوا وسيأتي إن شاء الله تعالى ما قيل في ذلك وقوله سبحانه {وإذا قيل لهم أنفقوا مما رزقكم الله} الآية لأنها نزلت في المنافقين فتكون مدنية.
وتعقب بأنه لا صحة له.
وآيها ثلاث وثمانون آية في الكوفي واثنتان وثمانون في غيره.
وجاء مما يشهد بفضلها وعلو شأنها عدة أخبار وآثار وقد مر آنفا بعض ذلك وصح من حديث معقل بن يسار «لا يقرؤها عبد يريد الله تعالى والدار الآخرة إلا غفر له ما تقدم من ذنبه».
وأخرج الترمذي والدارمي من حديث أنس «من قرأ يس كتب الله تعالى له بقراءتها قراءة القرآن» عشر مرات ولا يلزم من هذا تفضيل الشيء على نفسه إذ المراد بقراءة القرآن قراءته دون يس وقال الخفاجي: لا يلزم ذلك إذ يكفي في صحة التفضيل المذكور التغاير الإعتباري فإن يس من حيث تلاوتها فردة غير كونها مقروءة في جملته كما إذا قلت: الحسناء في الحلة الحمراء أحسن منها في البيضاء وقد يكون للشيء مفردا ما ليس له مجموعا مع غيره كما يشاهد في بعض الأدوية ورجا أن يكون أقرب مما قدمنا وأنا لا أرجو ذلك والظاهر أنه يكتب له الثواب المذكور مضاعفا أي كل حرف بعشرة حسنات ولا بدع في تفضيل العمل القليل على الكثير فلله تعالى أن يمن بما شاء على من شاء ألا ترى ما صح أن هذه الأمة أقصر الأمم أعمارا وأكثرها ثوابا وإنكار الخصوصيات مكابرة ولله تعالى در من قال: فإن تفق الأنام وأنت منهم فإن المسك بعض دم الغزال وذكر بعضهم أن من قرأها أعطى من الأجر كمن قرأ القرآن أثنتين وعشرين مرة وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن أبي قلابة وهو من كبار التابعين أن من قرأها فكأنما قرأ القرآن إحدى عشرة مرة.
وعن أبي سعيد أنه قال من قرأ يس مرة فكأنما قرأ القرآن مرتين.
وحديث العشر مرفوع عن ابن عباس ومعقل بن يسار وعقبة بن عامر وأبي هريرة وأنس رضي الله تعالى عنهم فعليه المعول ووجه إتصالها بما قبلها على ما قاله الجلال السيوطي أنه لما ذكر في سورة فاطر قوله سبحانه {وجاءكم النذير} وقوله تعالى {وأقسموا بالله جهد أيمانكم لئن جاءهم نذير} إلى قوله سبحانه {فلما جاءهم نذير} وأريد به محمد وقد أعرضوا عنه وكذبوه أفتتح هذه السورة بالإقسام على صحة رسالته عليه الصلاة والسلام وأنه على صراط مستقيم لينذر قوما ما أنذر آباؤهم وقال سبحانه في فاطر {وسخر الشمس والقمر كل يجري لأجل} وفي هذه السورة {والشمس تجري لمستقر لها} {والقمر قدرناه منازل} إلى غير ذلك ولا يخفى أن أمر المناسبة يتم على تفسير النذير بغيره أيضا فتأمل. اهـ.